16‏/08‏/2021

عدم الإمتثال للأعوان المكلفين بتنظيم السير

 



يمكن أن نسمع من الحين و الآخر، كلمة "الإمتثال" للقانون، أو الإمتثال للأشخاص الذين أسندت لهم مهمة إنفاذ القانون في المجتع، و جزر المخالفين له.


و لفهم جريمة "عدم الإمتثال"، وهي في حد ذاتها جنحة معاقب عليها من طرف المشرع، يجب أولا شرح الكلمة من الناحية الإصطلاحية، ثم من الناحية القانونية، ثم سنتحدث عن جريمة "عدم الإمتثال للأعوان المكلفين بالسير الطرقي كموضوع أساسي، و الأوجه التي يأخذها الفعل الجرمي، و كذا العقوبة المفردة للجريمة.


★مفهوم الإمثال


* من الناحية الإصطلاحية: الإمتثال هو الإنصياع لقواعد ما واحترامها و عدم مخالفتها.

* من الناحية الفقهية: احترام القواعد القانونية و الإنصياع لأوامرها و عدم مخالفتها.

و تختلف مقاصد الإمتثال في القانون المغربي، حسب الأمر القانوني، فمن الناحية المدنية نأخذ على سبيل المثال، الإمتثال لحكم قضائي يقضي بالإفراغ، و من الناحية الجنائية، الإمتثال لسلطة النيابة العامة أو من تنيبه في عملية البحت و التحري، إلى غير ذلك من الأفعال الآمرة بالإنصياع إلى القانون و عدم مخالفة أوامره و نواهيه.

و "عدم الإمتثال" في القانون عامة، هو الإمتناع عن فعل، من شأنه أن يؤدي إلى اضطراب في المجتمع، و في قانون السير خاصة، هو الإمتناع عن الخضوع للمراقبة القانونية، أو لأوامر الأعوان المكلفين بمعاينة المخالفات المرورية، و تحرير المحاضر، الذين تتوفر فيهم الشروط القانونية لذلك.

و تتمثل أركان جريمة "عدم الإمتثال":

*من حيث الركن القانوني 

في جريمة معاقب عليها في المادة 181 من القانون 52.05 المتعلق بالسير.

*من حيث الركن المادي

 الإمتناع عن الخضوع لأوامر الأعوان المكلفين بالسير الطرقي، أثناء عملية الإستوقاف أو المراقبة، أو أثناء عملية الزجر المطبقة على المخالف.

*من حيث الركن المعنوي

القصد الجنائي المتمثل في إتيان الفعل الجرمي عمدا و عن دراية بأن هذا الفعل مخالف للقانون و معاقب عنه.


★ عدم الإمتثال للأعوان المكلفين بالسير الطرقي


أكد المشرع المغربي على ضرورة الإمتثال لإشارات و أوامر شرطة المرور، حيث خصص لها المادة 193 من القانون 52.05 المتعلق بمدونة السير على الطرق، كما تم تعديله و تحيينه، حيث جاء في المادة 193:"يجب، تحت طائلة العقوبات المنصوص عليها في المادة 181 من هذا القانون، على كل مستعمل للطريق العمومية، الإمتثال لأوامر الضباط و الأعوان المشار إليهم في المادة 190 أعلاه و الذين يستوفون الشروط المحددة في المادة 192 أعلاه".

كما جاء في المادة  61 من المرسوم   420-10-2 صادر في 20 من شوال 1431 و الموافق ل 29 من سبتمبر 2010 بتطبيق أحكام القانون 52.05 المتعلق بمدونة السير على الطرق بشأن قواعد السير على الطرق، حيث قال : «يجب على مستعملي الطريق العمومية الإمتثال على الفور لإشارات الأعوان المكلفين بتنظيم حركة المرور».

من ذلك نستنتج أن عدم الإمتثال هو فعل جرمي منافي للقانون و معاقب عليه، و جريمة "عدم الإمتثال" تأخذ خمسة وجوه مختلفة تجتمع في الفعل المخالف للقاعدة القانونية.


سنبرز في ما يلي مختلف الوجوه التي تأخذها جنحة عدم الإمتثال للأعوان المكلفين بالسير الطرقي،  و سنمر فيما بعد للعقوبة التي أفردها المشرع لهذه الجريمة.


الوجه الأول : 


عدم الإمتثال لإشارة العون منظم حركة المرور، و المتمثلة في إصدار أمر لمستعمل الطريق بالتوقف من أجل الخضوع للمراقب، أو من أجل زجره بعد ارتكابه لمخالفة مروري.

هنا يقوم العون برفع تقرير مفصل تحت إشراف الرئيس المباشر، للجهة المكلفة بالبحث و التفحص تحت إشراف النيابة العامة المختصة ترابيا و نوعيا، حيث يقوم بإبراز الحيثيات التي تمت فيها النازلة، و الأسباب التي دفعت لعملية الإيقاف (المراقبة أو مخالفة)، و الوصف الدقيق للسيارة المعنية (النوع و الصنف و اللون و الترقيم الكامل).

و ستقوم الجهة التي رفع لها التقرير بعملية البحث عبر النظم المعلوماتية لوزارة التجهيز و النقل، للسيارة المعنية، و الحصول على المعلومات الضرورية المتعلقة بالمالك أو السائق، و إحالتها على النيابة العامة من أجل استكمال المساطر القضائية، و بالتالي إفراد العقوبة اللازمة للمعني بالأمر.


الوجه الثاني :


عدم الإمتثال للعون المكلف بتنظيم السير و معاينة المخالفات، و محرري المحاضر، الذين تتوفر فيهم الشروط القانونية لذلك، و ذلك عبر الإمتناع عن تقديم الوثائق، عن طريق قول أو فعل مفهوم كمن "يقول لن أسلمك الوثائق" أو الإمتناع عن إجابة العون.

هنا يقوم العون باستدعاء ضابط شرطة قضائية أو من ينوب عنه، لمعاينة الجنحة، واقتياد المعني بالأمر للمصلحة من أجل الإستماع إليه في محضر قانوني، تحت إشراف النيابة العامة.

إذا قام العون باستدعاء ضابط شرطة قضائية، لكن السائق قام بتقديم الوثائق للعون قبل وصوله لعين المكان، فهذا يعتبر عدول إرادي عن الجريمة، يمحي الفعل الجرمي، و يؤدي إلى استكمال الإجراء القانوني من طرف العون، و المتعلق بالمراقبة القانونية للوثائق و تحرير محضر غرامة تصالحية و جزافية، أو محضر مخالفة في حالة ما إذا تمت معاينة مخالفة ما من طرف العون، قبل عملية الإيقاف أو بعد عملية المراقبة.


الوجه الثالث:


عند توقيف مستعمل الطريق من طرف العون، و يقوم بإيهام العون بالتوقف، لكن يتماطل من تقديم الوثائق، ثم يلوذ بالفرار، عند إذ يقوم العون بالإجراءات الإدارية التي ذكرناها سابقا في الوجه الأول.


الوجه الرابع:


عدم امتثال مستعمل الطريق لأمر العون، عن طريق الإمتناع عن جعل المركبة في حالة توقف قانوني، أو الإمتناع عن سياقتها للمحجز، إثر إتيان فعل مخالف للقانون يؤدي إلى ذلك الإجراء.

في هذه الحالة كذلك، يتم استدعاء ضايط شرطة قضائية، من أجل المعاينة و الإستماع للمعني بالأمر وفق الضوابط الإدارية و القانونية.


الوجه الخامس:


يتمثل في الإمتناع عن الخضوع للرائز المستعمل في إثبات السياقة في حالة السكر أو التحققات و الإختبارات الرامية إلى كشف تناول الكحول و المخدرات و الأدوية.

حيث نصت المادة 207 من القانون 52.05 على إخضاع أي مستعمل للطريق، لرائز للنفس للكشف عن تشبع الهواء المنبعث من الفم بالكحول.

كما نصت المادة 213 من نفس القانون على إمكانية إخضاع أي مستعمل للطريق، لاختبارات الكشف لإثبات ما إذا كان قد استعمل مواد مخدرة أو أدوية تحضر السياقة بعد تناولها.


★ عقوبة عدم الإمتثال للأعوان المكلفين بالسير الطرقي


أفرد المشرع المغربي لجريمة عدم الإمتثال للأعوان المكلفين بالسير الطرقي، عقوبة منصوص عليها في المادة 181 من القانون 52.05 المتعلق بمدونة السير، حيث جاء فيها "دون الإخلال بالعقوبات التي يتعرض لها لأي سبب آخر، يعاقب بغرامة مالية من 1200 درهم إلى 2000 درهم، كل سائق وجه إليه الأمر بالتوقف من لدن العون محرر المحضر أو من أحد الموظفين أو الأعوان المكلفين بمعاينة المخالفات لأحكام هذا القانون و النصوص الصادرة لتطبيقه، الحاملين لشارات خارجية و ظاهرة تدل على صفتهم، و امتنع من تنفيذه أو لم يحترم الأمر بتوقيف المركبة أو رفض سياقة مركبته أو العمل على سياقتها إلى المحجز أو رفض الإمتثال للأوامر القانونية الصادرة إليه و ذلك بصفة عمدية".


إرسال تعليق

Whatsapp Button works on Mobile Device only